الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في من أفطر لعذر ثم زال العذر -كالمريض يبرأ، والمسافر يقدم، والحائض تطهر- هل يلزمهم الإمساك أو لا؟ مع اتفاق أهل العلم على لزوم القضاء.
والذي رجحه العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- أنه لا يلزم الإمساك في هذه الحال، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: قوله: كذا حائض ونفساء طهرتا، ومسافر قدم مفطرًا ـ أي: ومثل الذي كان أهلًا للوجوب في أثناء النهار من حيث وجوب الإمساك والقضاء، حائض ونفساء طهرتا، ومسافر قدم مفطرًا، فهذه ثلاثة مسائل وثمت مسألة رابعة، وهي: مريض برئ، ويعبر عن هذه المسائل بما إذا زال مانع الوجوب في أثناء النهار، فهل يجب الإمساك والقضاء؟
والجواب: أما القضاء، فلا شك في وجوبه؛ لأنهم أفطروا من رمضان، فلزمهم قضاء ما أفطروا؛ لقوله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة: 185}، وقول عائشة -رضي الله عنها-: كنا نؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة. تعني الحيض.
وأما الإمساك، فكلام المؤلف ـ رحمه الله ـ يدل على وجوبه، وهو المذهب؛ لأنهم إنما أفطروا لمانع، وقد زال، والحكم يزول بزوال علته.
وعن أحمد رواية أخرى: لا يلزمهم الإمساك؛ لأنهم يجوز لهم الفطر في أول النهار ظاهرًا وباطنًا، فقد حل لهم في أول النهار الأكل والشرب، وسائر ما يمكن من المفطرات، ولا يستفيدون من هذا الإمساك شيئًا، وحرمة الزمن قد زالت بفطرهم المباح لهم أول النهار، وقد روي عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: من أكل أول النهار، فليأكل آخره ـ يعني أن من حلّ له الأكل في أول النهار، حلَّ له الأكل في آخره. وهذا القول هو الراجح.
وعلى هذا؛ لو قدم المسافر إلى بلده مفطرًا، ووجد زوجته قد طهرت أثناء ذلك اليوم من الحيض وتطهرت، جاز له جماعها. انتهى.
والله أعلم.