الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا أن التسوية بين الأولاد في العطايا والهبات، واجبة، ففي الصحيحين عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاَمًا، فَقَالَ: «أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ»، قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَارْجِعْهُ». وراجع الفتوى رقم: 6242.
وعليه، فلا يجوز للأب أن يخصّ ولده الكبير بعطية لزواجه دون سائر إخوته.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: ثمَّ هُنَا نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَتَعْدِيلُهُ فِيهِ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُحْتَاجِ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ.
وَنَوْعٌ تَشْتَرِكُ حَاجَتُهُمْ إلَيْهِ مِنْ عَطِيَّةٍ، أَوْ نَفَقَةٍ، أَوْ تَزْوِيجٍ، فَهَذَا لَا رَيْبَ فِي تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيهِ. الفتاوى الكبرى لابن تيمية.
وقال البهوتي -رحمه الله-: وعن جعفر بن محمد، سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل له ولد يزوج الكبير وينفق عليه، ويعطيه. قال: ينبغي له أن يعطيهم كلهم مثل ما أعطاه، أو يمنحهم مثل ذلك. كشاف القناع.
فالواجب على الوالد أن يسوي بين جميع أولاده في العطية، والتسوية تكون بإعطاء باقي الأولاد مثل ما أعطى الولد الكبير، أو برد ما أعطى للولد الكبير.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: فإن خص بعضهم بعطيته، أو فاضل بينهم فيها؛ أثم، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر. المغني.
مع التنبيه على أنّ حقّ الوالد على أولاده عظيم، ولا يسقط حقّه عليهم بظلمه بعضهم، فالواجب برّ الوالد والإحسان إليه، والحذر من الإساءة إليه بقول أو فعل.
والله أعلم.