الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغالب في الأم شفقتها على أولادها وحرصها على ما ينفعهم واجتنابها ما يضرهم، فإن ثبت عن أمك ما ذكرت من التصرفات السيئة، فهذا أمر غريب منها، فنسأل الله تعالى لها التوبة والهداية وأن يصلح حالها، ونوصيكم بالصبر عليها وكثرة الدعاء لها بالهداية، والحذر من الإساءة إليها بأدنى إساءة، فمن حق الوالد أن يحسن إليه ولده وإن ظلم.
عقد البخاري في كتابه الأدب المفرد، بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.
وإن كانت هنالك خشية حقيقية من أذاها، وتركت زيارتها لأجل ذلك، فلا يكون ذلك عقوقا أو قطيعة للرحم، ولكن يجب عليك صلتها بما هو ممكن مما يعد صلة عرفا؛ كالاتصال الهاتفي ونحو ذلك، فقد ذكر أهل العلم أن ما يعد صلة عرفا فهو صلة، قال النووي: وأما صلة الرحم: فهي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارة تكون بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيارة, والسلام, وغير ذلك. اهـ.
ونؤكد على أهمية الاستمرار في نصحها، وليكن ذلك بالرفق واللين والشفقة والحرص على التسبب في الهداية، والأفضل البحث عمن يرجى أن تستجيب لقوله من فضلاء الناس، فإن صلح حالها فذلك خير لكم ولها، وتنالون الأجر العظيم ـ بإذن الله ـ روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم.
والله أعلم.