الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لإقامة صلاة الجمعة شروطا، سبق الكلام عنها في مواضع، منها الفتوى رقم: 7637.
فمن شروطها ما اتفق عليه أهل العلم من كونها لا تصح إلا في جماعة، ونقل الإجماع على ذلك عدد من أهل العلم.
واختلف الفقهاء في العدد الذي تتحقق به الجماعة المعتبرة لصلاة الجمعة، على أقوال كثيرة، سبق ذكر بعضها في الفتوى التالية: 107604 و في غيرها.
وقد فصل ابن رشد -رحمه الله- في بداية المجتهد، الكلام حول هذه الأقوال، وسبب الخلاف في ما بينها، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وعمل الصحابة والسلف الصالح على تكثير عدد المصلين لصلاة الجمعة، واجتماع أهل البلدة في مسجد واحد قدر الإمكان؛ مما يدل على أن كثرة واجتماع المصلين لها بالخصوص أمر مقصود شرعا، ومع ذلك فإنه لم يثبت نص شرعي من القرآن أو من صريح السنة يشترط عدد معينا لصحة صلاة الجمعة، وذلك مما تشتد الحاجة لتناقله.
ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن باز وابن عثيمين أن الجمعة تصح بثلاثة رجال.
قال الشيخ ابن عثيمين عليه رحمة الله: ما ذهب إليه شيخ الإسلام أصح؛ إذ لا بد من جماعة تستمع، وأقلها اثنان، والخطيب هو الثالث،.......، اهـ
وقال أيضا: وأقرب الأقوال إلى الصواب: أنها تنعقد بثلاثة، وتجب عليهم. انتهى.
ويفهم من كلام الفقهاء أنه لا بد من حضور النصاب (الجماعة التي لا تصح الجمعة إلا بها) من أول الخطبة إلى نهايتها.
جاء في مواهب الجليل على مختصر خليل عند قول صاحب المتن: تحضرهما الجماعة): الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْجَمَاعَةِ لِلْعَهْدِ، فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ لَا تُجْزِئُ الْجُمُعَةُ إلَّا بِهِمْ، وَهُوَ الِاثْنَا عَشَرَ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ: فَإِنْ فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ نُظِرَ: فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةٌ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ، خَطَبَ، وَإِلَّا انْتَظَرَ الْجَمَاعَةَ. اهـ.
الشاهد من هذا النقل وجوب انتظار الجماعة بالخطبة.
وأما الأطفال فلا يعدون من أهل الجمعة؛ لأنهم ليسوا مكلفين بها، وإذا لم تتوفر شروط إقامة صلاة الجمعة؛ فإنها تصلى ظهرا. وليحذر المسلم من التهاون في حضور صلاة الجمعة من دون عذر، فعن أبي هريرة وابن عمر -رضي الله عنهم- أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين. رواه مسلم.
وينظر للفائدة، الفتاوى التالية أرقامها: 98048، 3476، 106538، 290308.
والله أعلم.