الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بين التوفيق بين الآيتين، العلامة الشيخ الأمين الشنقيطي، في دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، فقال: قوله تعالى: وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها.هذه الآية الكريمة تدل على أن الأنصار ما كان بينهم وبين النار إلا أن يموتوا، مع أنهم كانوا أهل فترة، والله تعالى يقول: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا [17 15] .ويقول: رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل الآية [4 165] ، وقد بين تعالى هذه الحجة بقوله في سورة «طه»: ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى [20 134] . والآيات بمثل هذا كثيرة.
والذي يظهر في الجواب، -والله تعالى أعلم-: أنه برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، لم يبق عذر لأحد، فكل من لم يؤمن به، فليس بينه وبين النار إلا أن يموت. كما بينه تعالى بقوله: ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده. الآية [11 17].
وما أجاب به بعضهم من أن عندهم بقية من إنذار الرسل الماضين، تلزمهم بها الحجة فهو جواب باطل، لأن نصوص القرآن مصرحة بأنهم لم يأتهم نذير؛ كقوله تعالى: لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم [36 6].
وقوله: أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك.. الآية [32 3].
وقوله: وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك [28 46].
وقوله: يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير... الآية [5 19]. وقوله تعالى: وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير [34 44]. اهـ.
والله أعلم.