الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمذهب الشيخ ابن عثيمين في الصفرة والكدرة قد بيناه في الفتوى رقم: 288871.
وقد اختلف رأي الشيخ ـ رحمه الله ـ في مسألة الصفرة والكدرة، ولكن استقر رأيه الأخير على أنها ليست حيضًا، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، قال -رحمه الله-: دم الحيض إذا انقطع وخلفه صفرة أو كدرة، فإنه لا عبرة بذلك، أي: لا عبرة بالكدرة والصفرة بعد انقطاع الدم؛ لأن الله تعالى يقول: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى {البقرة:222} والأذى هو الدم، وقالت أم عطية: كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئًا ـ هكذا رواية البخاري، ولأبي داود: بعد الطهر شيئًا ـ لكن يحصل الطهر إذا انقطع الدم.
وعلى هذا؛ فنقول لهذه المرأة: ما دامت ترى الحيض ـ أي: الدم ـ سبعة أيام ثم يخلفه كدرة أو صفرة، فإنها تغتسل عند انقطاع دم الحيض ـ أي: عند تمام سبعة أيام ـ ثم تصلي وتصوم، ويأتيها زوجها إن كان لديها زوج، ولو كان عليها صفرة أو كدرة، وفي فتاوى نور على الدرب: السائل: ولو كان بعد الدم الصفرة مباشرة بدون أي طهر؟
الشيخ: إي نعم، هذا ما رأيناه أخيرًا؛ لأن هذا أريح للنساء، وبعض النساء يقلن لنا: إن الصفرة تبقى معهن أكثر الشهر، وبعضهن يقلن: الصفرة تستمر إلى الحيضة الثانية. انتهى.
وكان الشيخ يرجح قبل ذلك أن الصفرة والكدرة المتصلة بالدم حيض، وأما بعد انقطاعه فلا تعد حيضًا، هذا تحرير مذهب الشيخ ابن عثيمين في المسألة، وبيان ما استقر عليه قوله.
وعليه؛ فمن كانت متغيرة العادة، ثم رأت صفرة أو كدرة، فإنها لا تعدها حيضًا عند الشيخ، وكذا إذا رأتها في زمن العادة، على ما استقر عليه قوله.
وأما على مذهب الجمهور: فمن رأت صفرة أو كدرة في غير زمن عادتها، فإنها تعدها حيضًا إذا كانت في زمن يصلح أن يكون حيضًا.
والعامي يقلد من يثق به من أهل العلم، كما بينا في الفتوى رقم: 169801.
والله أعلم.