الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فما دام المبلغ المدخر لتلك النفقات قد توافرت فيه شروط وجوب الزكاة من بلوغ النصاب وحولان الحول؛ فإنه يجب عليك إخراج زكاته، ولو كنت تعده لنفقات الزواج. قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- عن الأوراق النقدية إذا توافرت فيها شروط وجوب الزكاة: تجب فيها الزكاة على كل حال؛ سواء كان يتكسب فيها، أو لا يتكسب، حتى لو أعدها لشؤونه الخاصة من النفقات، أو لزواج، أو لشراء بيت يسكنه، أو ما شابه ذلك؛ فإنه تجب فيه الزكاة بكل حال. اهـ.
وإنما تسقط زكاته لو أنك أنفقت منه قبل حولان الحول، ونقص عن النصاب، لكن ما دام المبلغ باقيا مع توافر الشروط فقد وجبت فيه الزكاة، ومقدارها ربع العشر: أي 2.5%، وإخراج الزكاة واجب على الفور، فلا تؤخر إخراجها لأجل الاستثمار، بل أخرج الزكاة، ثم استثمر الباقي إن شئت.
واعلم -أخي السائل- أن الزكاة، وإن كانت تنقص المال في الظاهر، فإنها تزكيه، وتطهره، وتنميه في المعنى, كما تزكي مخرجها (أي: تطهره من الذنوب)، قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا {التوبة: 103}. قال البغوي في تفسيره: قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} بها من ذنوبهم {وتزكيهم بها} أي: ترفعهم من منازل المنافقين إلى منازل المخلصين، وقيل: تنمي أموالهم. اهـ.
والله تعالى أعلم.