الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نطلع على كلام الشيخ ابن باز الذي ذكرت، ولكن المعروف لدينا هو أن دعاء الاستفتاح مما اختلف أهل العلم في حكمه؛ فقال أكثرهم بأنه سنة، وليس بواجب، -كما أشرت- وقال بعضهم بوجوبه، وقال بعضهم بغير ذلك.
جاء في الموسوعة الفقهية: قال جمهور الفقهاء: الاستفتاح سنة؛ لما ورد في الأحاديث... وذهبت طائفة من أصحاب الإمام أحمد إلى وجوب الذكر الذي هو ثناء، كالاستفتاح بنحو: سبحانك اللهم وبحمدك... وخالف في ذلك مالك".
وفسر القائلون بعدم الوجوب: نفي التمام الوارد في الحديث الذي أشرت إليه: بأنه نفي للكمال، وليس نفيا للصحة، وأن قوله صلى الله عليه وسلم "ويحمد الله عز وجل..." المراد به قراءة الفاتحة.
جاء في المنهل شرح سنن أبي داود لمحمود السبكي: (قوله ويحمد الله الخ) مراده يقرأ الفاتحة... (قوله ويقرأ بما شاء من القرآن)... أي بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين. اهـ.
وفسر القائلون بالوجوب: نفي التمام بأنه نفي للصحة، وأن قوله صلى الله عليه وسلم "ويحمده ويثني عليه" بدعاء الاستفتاح.
قال الصنعاني في السبل: "وَيَحْمَدُهُ: بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: فَإِنْ كَانَ مَعَك قُرْآنٌ، يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يَحْمَدُهُ غَيْرُ الْقِرَاءَةِ، وَهُوَ دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ. فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ مُطْلَقِ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. اهـ.
وعلى كل حال، فالمسألة من مسائل الفقه الفرعية التي كثيرا ما يختلف فيها أهل الاجتهاد؛ فلا داعي للتعجب... وانظر الفتوى رقم: 6787.
والحديث المشار إليه رواه أبو داود وغيره، وهو حديث صحيح كما قال الألباني -رحمه الله تعالى- وغيره.
والله أعلم.