الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت والدتك لا تزال زوجة لوالدك، فلا حقّ لك في منع والدك من الخلوة بزوجته، ومكالمتها بمفرده، وإذا كنت تكلمت معه بحدة وغلظة، فهذا من العقوق المحرم الذي هو من الكبائر، قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء:23-24}
قال القرطبي –رحمه الله- : (وقل لهما قولا كريما ) أي لينا لطيفا مثل : يا أبتاه ويا أمّاه من غير أن يسميهما ويكنيهما، قال عطاء وقال ابن البداح التجيبي : قلت لسعيد بن المسيب: كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله : وقل لهما قولا كريما، ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب : قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ومن هذه الآية الكريمة تعلم أنه لا يجوز رفع الصوت عليهما، بل يجب التأدب معهما وخفض الجناح لهما. وراجعي الفتوى رقم : 76303.
فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى، واسترضاء الوالد، وعليك طاعته في زيارته عند زوجته الثانية حيث أمكنك ذلك بغير ضرر، وإذا كان أبوك مقصراً في حقّ أمّك أو ظالماً لها، فعليك نصحه برفق وأدب، لكن مهما كان حاله فحقه عليك عظيم، وبره والإحسان إليه، فإنّه من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قَالَ: رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرب في سخط الوالد.
وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.
قال المباركفوري –رحمه الله- : قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. تحفة الأحوذي (6/ 21)
والله أعلم.