الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في الحديث المتفق عليه, واللفظ لمسلم: شُكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا.
قال المناوي في فيض القدير: (حتى يسمع صوتًا) أي: صوت ريح يخرج منه، (أو يجد ريحًا) أو يشم رائحة خرجت منه، وهذا مجاز عن تيقن الحدث؛ لأنها سبب للعلم به، فالمدار على تيقن الحدث بذلك، أو بغيره، ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتح ذي الجلال والإكرام شرح بلوغ المرام: حتى يسمع صوتًا"، إن كان الخارج له صوت، "أو يجد ريحًا" إن لم يكن له صوت؛ لأن الخارج من الريح إما أن يكون له صوت مسموع، وإما أن تكون له رائحة، وإما أن يجتمع الأمران، وإمّا أن يُعدَم الأمران لكن يتيقن الإنسان، كرجل لا يشمّ ولا يسمع، فإنه إذا تيقن أنه خرج انتقض وضوؤه، وإن لم يسمع ولم يشم. انتهى.
وبناءً عليه؛ فإذا كنتَ قد تحققتَ من شمّ رائحة الحدث الخارج منك، فقد بطلت صلاتك؛ لأجل بطلان الوضوء, فتجب إعادتها.
أمّا إذا كان الأمر مجرّد وسوسة, فلا تلتفتْ إليها, وصلاتُك صحيحة.
وبخصوص إخراج الريح في المسجد, فإنه جائز, لكنّ الأفضل عدمه، يقول النووي في المجموع: لا يحرم إخراج الريح من الدّبُر في المسجد، لكن الأولى اجتنابه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: فإن الملائكة تتأذّى مما يتأذّى منه بنو آدم.
والله أعلم.