الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فان قراءة الملك تستحب قبل النوم؛ لما رواه أحمد والترمذي عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ (الم تنزيل) و(تبارك الذي بيده الملك). وهو حديث صحيح صححه غير واحد من أئمة أهل العلم منهم الألباني في صحيح الجامع.
ولذلك يستحب قراءتهما قبل النوم كل ليلة لفعله صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك مقيدا بوقت النوم، فالمهم أن لا ينام الشخص في الليل قبل قراءتهما .
قا ل المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 231):
قال الطيبي: حتى غاية لا ينام، ويحتمل أن يكون المعنى إذا دخل وقت النوم لا ينام حتى يقرأهما، وأن يكون لا ينام مطلقاً حتى يقرأهما، والمعنى لم يكن من عادته النوم قبل القراءة فتقع القراءة قبل دخول وقت النوم أي وقت كان ... اهـ
واما القيام بعشر أو بمائة أو ألف آية، فالأفضل أن يكون في الليل، ويمكن فعله في النهار، واختلف في اشتراط كونها في الصلاة، فقد قال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/ 910) :
قام به، أي أتى به، يعني: من قرأ عشر آيات في صلاته على التدبر والتأني كذا قيل، وفي الأزهار: يحتمل من قام وقرأ وإن لم يصل، وقال الطيبي، أي: أخذها بقوة وعزم، وقال ابن حجر: أي يقرؤها في ركعتين أو أكثر، وظاهر السياق أن المراد غير الفاتحة. اهـ. والأظهر أن المراد به أقل مراتب الصلاة، وهي تحصل بقراءة الفاتحة، وهي سبع آيات وثلاث آيات بعدها، فتلك عشرة كاملة... وحاصل كلام الطيبي أن الحديث مطلق غير مقيد لا بصلاة ولا بليل، فينبغي أن يحمل على أدنى مراتبه، ويدل عليه جزاء الشرطية الأولى وهي قوله: " لم يكتب من الغافلين ". اهـ
وبناء على القول بعدم اشتراط الصلاة، فيمكن للحائض قراءتها من دون صلاة، فقد رجح شيخ الإسلام مشروعية قراءة الحائض للقرآن.
ويمكن لمن لا يحفظ القرآن أن يقرأ من الملك للناس، ففي ذلك ألف آية؛ كما قال المنذري في الترغيب.
وأما أواخر سورة البقرة فليست مرتبطة بالنوم، ولكن الأفضل قراءتها بعد العشاء لورود رواية بذلك، فقد أخرج الشيخان من حديث أبي مسعود الأنصاري قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ هاتين الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه.
وهذا الحديث مطلق، ولكنه جاء في حديث آخر أنها تقرأ بعد العشاء، ففي فتح الباري لابن حجر (9/ 56) :
وقد أخرج علي بن سعيد العسكري في ثواب القرآن حديث الباب من طريق عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن علقمة بن قيس عن عقبة بن عمرو بلفظ: من قرأهما بعد العشاء الآخرة أجزأتا (آمن الرسول) إلى آخر السورة. اهـ
وأما العشر الآواخر من آل عمران فتسن قراءتها عند الاستيقاظ من النوم، ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بت عند خالتي ميمونة، فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطرحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسادة، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم في طولها، فجعل يمسح النوم عن وجهه، ثم قرأ الآيات العشر الأواخر من آل عمران حتى ختم، ثم أتى شنا معلقا فأخذه فتوضأ، ثم قام يصلي، فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم جئت فقمت إلى جنبه فوضع يده على رأسي ثم أخذ بأذني فجعل يفتلها، ثم صلى ركعتين، ثم صلى ركعتين، ثم صلى ركعتين، ثم صلى ركعتين، ثم صلى ركعتين، ثم صلى ركعتين، ثم أوتر.
والله أعلم.