الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عملك في تربية الأطفال مباحًا، وليس له صلة بالأمور المحرمة، ومنها: تقديم لحم الخنزير في الوجبات التي تقدم للأطفال، وكذلك الموسيقى التي قد تصاحب البرامج التي يتم تشغليها لتعليم الأطفال مثلًا، وإنما يتولى ذلك غيرك، فلا حرج عليك فيه، ولا يؤثر ما ذكرت فيما تكسبينه من عملك المباح في تربية أولئك الأطفال، وعند حضور منكر لا يسعك مغادرة المكان الذي فيه؛ لكون عملك يقتضي بقاءك، ومراقبتك للأطفال، فيلزمك إنكار ذلك المنكر، ولو بقلبك، أي: بعدم الرضا به، والاستئناس إليه، ففي الحديث: من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع، فبلسانه، فإن لم يستطع، فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
هذا مع التنبيه على ما يلي للفائدة: أولًا: إن عمل المسلمة مربية لأطفال الكفار إذا اقتصر على ما هو مباح، وليس فيه امتهان للمسلم، لا حرج فيه، وأما لو اقتضى العمل ما فيه امتهان للمسلم، فيمنع منه، كما بينا في الفتوى رقم: 156231.
ثانيًا: أن الكفار قد اختلف في مخاطبتهم بفروع الشريعة، وعلى القول بأنهم مخاطبون بها، فالأطفال ليسوا بمكلفين قبل بلوغهم. وعليه؛ فيراعى ذلك، وانظري الفتوى رقم: 172857.
ثالثًا: ليس للمسلم أن يقدم الخنزير لمن يأكله، ولو كان كافرًا أو صبيًّا، وليس له أن يؤاجرَ نفسه على تشغيل الموسيقى، ونحو ذلك مما هو محرم في دينه.
رابعًا: أن الأليق بالمرأة والأحوط لها في دينها، هو القرار في البيت، كما أمرها الله، ومع ذلك؛ فإنها إذا احتاجت للعمل فلها أن تمارس منه ما يتلاءم وطبيعتها وأنوثتها، مع التزامها بالضوابط الشرعية في خروجها ولباسها وحديثها، ولا سيما إذا كانت تلتقي بالرجال الأجانب عنها في عملها.
والله أعلم.