الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء إذا سبح مأموم واحد للإمام للسهو؛ هل يعمل الإمام بتنبيهه أم لا؟ فقال بعضهم يعمل به، وقال آخرون لا يعمل.
قال ابن رجب الحنبلي في شرح البخاري: ذهب أبو حنيفة إلى أنه يجب الرجوع إلى قول واحد من المأمومين ؛ لأنه خبر ديني ، فهوَ كالإخبار بالقبلة ونحوها، وكذا قال إسحاق: يرجع إلى قول واحد، ومذهب مالك وأحمد: لا يرجع إلى قول واحد من المأمومين، بل إلى ما زاد على الواحد؛ لحديث أبي هريرة؛ فإن النبي ( لم يكتف بقول ذي اليدين حتى سأل غيره ، فلما أخبروه عمل بقولهم ، ولأن انفراد الواحد من بين المأمومين بالتنبيه على السهو، مع اشتراكهم جميعا في الصلاة يوجب ريبة ، فلذلك احتاج إلى قول آخر يعضده. اهـ.
قال ابن قدامة في المغني: فَإِنْ سَبَّحَ بِالْإِمَامِ وَاحِدٌ لَمْ يَرْجِعْ إلَى قَوْلِهِ، إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ، فَيَعْمَلَ بِغَالِبِ ظَنِّهِ، لَا بِتَسْبِيحِهِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَ ذِي الْيَدَيْنِ وَحْدَهُ ... اهـ .
ونرجو أن تكون الصلاة صحيحة ما دام قد وافق فعلُ الإمام قولاً لبعض أهل العلم؛ لا سيما وأن الإمام في الغالب لا يرجع إلى تنبيه المأموم الواحد؛ إلا وهو يظن صدقه في تنبيهه، كما أنه لو رجع إلى تنبيه المأموم الواحد ظانا جواز الرجوع لقوله لم تبطل صلاته أيضا حتى عند بعض القائلين بعدم العمل بتنبيه الواحد. جاء في حاشية ابن قائد الحنبلي: فلو رجع إلى قول فاسقين، أو واحد عدل، أو إلى فعل مأموم؛ فقد ترك الواجب عليه ... وإن فعله يعتقد جوازه؛ لم تبطل؛ لأنه تركه غير متعمد اهـ.
والله تعالى أعلم.