الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في كلا الأمرين -الخامس والسابع-.
وبالنسبة لإشكال الأمر الخامس وهو: (عدم وجود بدن في الشراكة، وأن البدن يجب أن يكون موجودًا في الشراكة) فجوابه: أن ذلك ليس بشرط على الراجح من قول جمهور العلماء، خلافًا للمالكية حيث لا يصححون في شركة العنان أن يكون العمل على أحد المتعاقدين، كما لا يصححون الجمع بين الشركة والمضاربة، جاء في المدونة: قلت -أي: سحنون -: هل يجوز أن أخرج أنا ألف درهم، ورجل آخر ألف درهم، على أن الربح بيننا نصفين، والوضيعة علينا نصفين، على أن يعمل أحدنا دون صاحبه؟ قال: قال مالك: لا تجوز هذه الشركة بينهما إلا أن يستويا في رأس المال، وفي العمل. قلت: فإن أخرج أحدهما ألف درهم، والآخر ألفي درهم، فاشتركا على أن الربح بينهما نصفين، والوضيعة عليهما نصفين، أو اشترطا أن الوضيعة على قدر رؤوس أموالهما على أن يعمل صاحب الألف بجميع المال وحده، ويكون عليه العمل وحده؟ قال مالك: لا خير في هذه الشركة ... ولا يجتمع عند مالك شركة وقراض. اهـ.
والراجح خلاف ذلك، فلا يشترط اشتراك كل أبدان أصحاب رؤوس الأموال، بل يصح اشتراك مالين وبدن صاحب أحدهما دون بدن الآخر، قال الخرقي في مختصره: إن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بمالهما، تساوى المال أو اختلف: فكل ذلك جائز، والربح على ما اصطلحا عليه. اهـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 170445. وما أحيل عليه فيها.
وهنا ننبه على أن هذه الهيئة الإدارية إن كانت متبرعة بذلك، ولا تختص بشيء من الربح أو الأجرة من دون بقية الأعضاء، فلا إشكال في ذلك، وكذلك إن لم تكن متبرعة، بل تعمل نظير شيء من المال - كأجرة أو نسبة زائدة من الربح - فهذا أيضًا لا حرج فيه، وبه تجمع هذه المعاملة بين الشركة والمضاربة، ولا حرج في ذلك، قال ابن قدامة في (المغني): القسم الرابع أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما، فهذا يجمع شركة ومضاربة، وهو صحيح. اهـ.
وقال الزركشي في شرح مختصر الخرقي: هذا يجمع شركة ومضاربة، فمن حيث إن من كل واحد منهما المال، يشبه شركة العنان، ومن حيث إن أحدهما يعمل في مال صاحبه بجزء من الربح هو مضاربة. اهـ.
وأما الأمر السابع وهو اعتبار البعض أنه لا يجوز تشكيل هيئة إدارية تنوب عن جميع الأعضاء: فليس بصحيح أيضًا، فإن هذه الهيئة تعتبر وكيلًا مفوضًا من بقية الأعضاء لإدارة أموال الصندوق في معاملات مالية مباحة، كما هو الحاصل في أموال المودعين في البنوك الإسلامية مثلًا.
والقاعدة أن: كل عقد جاز للمرء توليه، جاز له أن يوكل فيه، جاء في الموسوعة الفقهية: ذكر الفقهاء ضابطًا عامًّا لما يصح أن يكون محلًّا لعقد الوكالة، وهو: كل عقد جاز أن يعقده الإنسان بنفسه، جاز أن يوكل به غيره؛ لأن الإنسان قد يعجز عن المباشرة بنفسه على اعتبار بعض الأحوال، فيحتاج إلى أن يوكل غيره، فيكون بسبيل منه دفعًا للحاجة. إلا أن هناك أمورًا يصح التوكيل فيها بالاتفاق، وأمورًا لا يصح التوكيل فيها بالاتفاق، وأمورًا اختلف الفقهاء فيها.
أ - الأمور التي يصح التوكيل فيها باتفاق الفقهاء:
أولًا العقود: اتفق الفقهاء على جواز التوكيل في البيع والشراء ... واتفقوا أيضًا على جواز التوكيل في الحوالة، والرهن، والكفالة، والشركة، والوديعة، والمضاربة، والجعالة، والمساقاة، والإجارة، والقرض، والوصية، والفسخ، والإبراء، والمصارفة، والإقالة، والشفعة؛ لأن كل هذه العقود في معنى البيع في الحاجة إلى التوكيل فيها، فيثبت فيها حكمه.
واتفقوا كذلك على جواز التوكيل في الضمان، والصلح، والهبة؛ لأنها في معنى البيع في الحاجة إلى التوكيل، ولأن الموكل يملك هذه التصرفات بنفسه فيملك تفويضها إلى غيره ... اهـ.
وأما بقية البنود المذكورة في السؤال، فلم نر فيها إخلالًا بقواعد المعاملات الإسلامية، أو مخالفة للأحكام الشرعية، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 77746.
والله أعلم.