الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: يجب الرد والإنكار على تلك الصفحة إذا قامت بنشر الكفر، لمن اطلع عليه، قياما بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدفاع عن دين الله والنصيحة للمسلمين، ولا يكفي الإنكار بالقلب، إذا كان قادرا على الرد بالكتابة.
وأما تسجيل الإعجاب بالصفحة: فإن تسجيل الإعجاب بصفحةٍ مَّا، هو من قبيل المدح، فإذا كانت الصفحة تنشر الكفر، وتنشر الخير أيضا وما فيه فائدة، فتسجيل الإعجاب بها هو من قبيل مدح الكافر الذي فيه شيء من صفات الخير، ومدحه لا يعتبر كفرا إلا إذا كان المدح إعجابا بكفره، أو رضى به. وأما مدحه والإشادة بما عنده من صفات حميدة كإتقانه العمل، والشغف بالعلوم فهو جائز في الأصل.
وقد روى الإمام أحمد وغيره بسند صحيح عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنه قال عن الروم: إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا: إِنَّهُمْ لَأَسْرَعُ النَّاسِ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ، وَإِنَّهُمْ لَخَيْرُ النَّاسِ لِمِسْكِينٍ وَفَقِيرٍ وَضَعِيفٍ، وَإِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَالرَّابِعَةُ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وَإِنَّهُمْ لَأَمْنَعُ النَّاسِ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ. قال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الصحيح.
ومع أن هذا جائز في الأصل، إلا أنه قد يطرأ عليه ما يتعين معه المنع، كأن يترتب على مدحه تغرير المسلمين به، والانخداع بباطله ونحو ذلك.
وإذا كان الأمر كذلك، فإننا لا نرى جواز تسجيل الإعجاب بتلك الصفحة المسؤول عنها، ولو كان المرادُ الإعجابَ بما تنشر مما فيه خير؛ لأن تسجيل الإعجاب بها قد يخدع زائريها الآخرين الذين لا يعلمون حقيقتها، وصفحات الإنترنت يدخلها الكبير والصغير والمتعلم والجاهل، فربُما يُخْدَعُون بالكفر الذي تنشره أحيانا، فيتسبب مُسَجِّلُ الإعجابِ بتغرير المسلمين بتلك الصفحة، كما أن زيارة تلك الصفحات، فيه تعريض النفس إلى الفتن، والمسلم مطالب شرعا بالبعد عنها، وما فيها من الخير، فإنه يمكن تحصيله من غيرها من الصفحات الخالية من الضلال والكدر، وانظر الفتوى رقم: 269614.
والله تعالى أعلم.