الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجمع التبرعات عن طريق المواقع المذكورة، نوع من أنواع سؤال الناس، والأصل فيه المنع، إلا إذا اضطر المرء أو احتاج حاجة ملحة لا يجد لها وفاءًا إلا بالسؤال! وراجع في ذلك الفتويين: 150749، 333466. ولمزيد الفائدة، يمكن الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 17909، 20195، 239278.
ويبقى النظر هنا في تحقق هذا الضابط في حق السائل، وهل الأحوال التي ذكرها عن منازل الكراء وظروف السكن، وعدم قدرته على شراء أرض ليبني عليها بيتا يتزوج فيه، هل هذا كله يوفر له حد الحاجة التي تبيح السؤال؟
والجواب: أن ذلك محل نظر وتردد، والذي يظهر لنا أن هذه المواقع إن كانت قد قامت لهذا الغرض ونحوه، وتعامل معها السائل بصدق وأمانة، فلم يكذب ولم يبالغ، ووجد من يتبرع له بخصوص غرضه، فلا حرج عليه في ذلك، تنزيلا لهذه المواقع منزلة من نصب نفسه لمساعدة المحتاجين، فإنه يجوز إخباره بالحال ليرى هل هو محلا للتبرع أم لا.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب، هذا السؤال: هل يجوز للشاب الفقير الذي لا يملك مئونة وتكاليف الزواج، هل يجوز له أن يتلقى المساعدات من أهل البر والخير؛ لكي يستعين بها بنية الزواج، أم أن هذا يدخل في باب السؤال؟
فأجاب الشيخ: إن سأل فمن باب السؤال، إن ذهب إلى الناس يستجديهم، ويقول: أعطوني لأتزوج، فهذا من باب السؤال المذموم؛ لأن الله يقول: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحسن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم»، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: فليستعن بإخوانه، أما إذا كان يريد أن يسأل من نصب نفسه لإعانة المتزوجين، فهذا لا بأس به؛ لأن هذا السؤال معناه الإخبار عن حاله فقط. ثم إن الموجه إليه السؤال ممن نصب نفسه لمساعدة المتزوجين فلا بأس؛ ولا يعد هذا من المسألة المذمومة. وكذلك أيضاً لا حرج أن يتقبل التبرعات ممن علم بحاله؛ لأنه لم يقع عن سؤال؛ بل إن له أن يتقبل الزكوات؛ لأن صرف الزكاة للفقير الذي يريد أن يتزوج ويعف نفسه جائز. اهـ.
والله أعلم.