الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتكفير النميمة والغيبة يحصل بالتوبة النصوح منهما، المستوفية لشروط صحتها، ذلك أن الغيبة والنميمة من أقبح الذنوب وأشدها تحريماً؛ لما فيها من انتهاك ما حرم الله، والوقوع في أعراض الناس. وقد قال الله تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات:12]. وقال تعالى في شأن النميمة وذمها: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ* هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم:10-11].
والتوبة واجبة من كل ذنب، وإذا تاب العبد؛ تاب الله تعالى عليه، وغفر ذنوبه إذا توفرت شروط التوبة.
ويشرط لقبول التوبة: أن يقلع العبد عن المعصية، وأن يندم على فعلها، وأن يعقد العزم ألا يعود إليها في ما بقي من عمره.
وإذا كانت المعصية بحق آدمي، فإنها تزيد على الثلاثة المذكورة شرطاً رابعاً، وهو أن يبرأ من حق صاحبها ويتحلل منه، إن أمكن ذلك، ولم يؤد إلى مفسدة أعظم.
فإذا كان طلب السماح من صاحب الحق يؤدي إلى زيادة البغضاء والشقاق، فعلى المرء حينئذ طلب السماح من أخيه في الجملة، ولا يبين له أنه حمل عنه نميمة أو اغتابه؛ لئلا يوغر ذلك صدره، ويؤدي إلى فساد أكبر.
وقال بعض أهل العلم: عليه أن يذكره بالخير في الأماكن والمجالس التي ذكره فيها بما لا ينبغي، ويستغفر له بكثرة. ولمزيد من الفائدة، تراجع الفتوى: 119222.
والله أعلم.