الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا شك أن قصر الزيارة بين الإخوة على مرة واحدة في السنة، يعتبر قطيعة للرحم، وقطيعة الرحم كبيرة من كبائر الذنوب المهلكة، فقد قرن الله تعالى قطع الأرحام بالفساد في الأرض، الذي هو من أكبر الكبائر؛ فقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد: 22}.
ويكفي للزجر عن قطيعة الرحم أيضًا، قول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. متفق عليه.
وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 116567 أن قطيعة الرحم من أكبر الكبائر، فانظريها.
ولا يبرر القطيعة ما ذكرت عن خالك من أنه لم يعطها حقها من الميراث، أو أنه لا يحبها، بل الواجب على أمك أن تصله، وإن أساء هو إليها، وكلٌ سيسأل عما فرض الله عليه.
وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم حتى لمن يقطعها، فعَنْ عبد الله بن عمرو، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي؛ وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ؛ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ؛ فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ، مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. رواه مسلم. ومعنى (تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ) أي: تطعمهم الرماد الحار.
وينبغي أن تكونوا عونًا لأمكم على القيام بما أوجبه الله عليها من صلة أرحامها، واحذروا أن تكونوا سببًا في قطيعة الرحم؛ فتقعوا في الإثم.
ولمزيد فائدة راجع الفتويين التاليتين: 7683، 318934.
والله تعالى أعلم.