الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا نعلم مانعا شرعيا يمنعك من فتح مطعم بجانب مطعم آخر، وليس هذا داخلا في نهي المسلم عن البيع على بيع أخيه.
وقد بين العلماء صورة البيع على بيع الآخر، وليس فتح محل آخر بجانب الأول، داخلا فيها.
جاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر: قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْبَيْعُ عَلَى الْبَيْعِ حَرَامٌ، وَكَذَلِكَ الشِّرَاءُ عَلَى الشِّرَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لِمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً فِي زَمَنِ الْخِيَارِ: افْسَخْ لِأَبِيعَكَ بِأَنْقَصَ، أَوْ يَقُولَ لِلْبَائِعِ: افْسَخْ لِأَشْتَرِيَ مِنْكَ بِأَزْيَدَ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا السَّوْمُ فَصُورَتُهُ: أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا لِيَشْتَرِيَهُ، فَيَقُولَ لَهُ: رُدَّهُ لِأَبِيعَكَ خَيْرًا مِنْهُ بِثَمَنِهِ، أَوْ مِثْلِهِ بِأَرْخَصَ، أَوْ يَقُولَ لِلْمَالِكِ: اسْتَرِدَّهُ لِأَشْتَرِيَهُ مِنْكَ بِأَكْثَرَ، وَمَحَلُّهُ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ، وَرُكُونِ أَحَدِهِمَا إِلَى الْآخَرِ. اهـ.
ولا يعاب طالب العلم على الاتجار والتكسب، سواء بفتح مطعم أو غيره، بل يعاب عليه أن يكون عالة على غيره، وأن لا يرد حقوق العباد عليهم مع قدرته على الكسب، وتحصيل النفقة الواجبة أولى من طلب العلم المستحب.
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: فعليك -يا طالب العلم- بالاجتهاد في جمع المال للغنى عن الناس؛ فإنه يجمع لك دينك! فما رأينا في الأغلب منافقًا في التدين والتزهد والتخشع، ولا آفة طرأت على عالم، إلا بحب الدنيا، وغالب ذلك الفقر ... اهـ.
وجاء في كتاب التربية الإسلامية لمحمد منير مرسي: يقول الزرنوجي: إن كان لا بد لطالب العلم من الكسب لنفقة عياله وغيرهم، فليتكسب، وليكرر، وليذاكر ولا يكسل. وكان الناس في الزمان الأول يتعلمون الحرفة، ثم يتعلمون العلم حتى لا يطمعوا في أموال الناس. وفي الحكمة: من استغنى بمال الناس، افتقر. والعالم إذا كان طماعا، لا تبقى له حرمة علم، ولا يقول بالحق. وقد كان الإمام أبو حنيفة يطلب العلم ويشتغل به، في الوقت الذي كان فيه يبيع الثياب ليتكسب معاشه. اهـ.
وأما الزكاة: فإنها تجب في ريعه إذا بلغ نصابا بنفسه -أو بما انضم إليه من نقود أخرى، أو ذهب أو فضة- وحال عليه الحول. وانظر المزيد في الفتوى رقم: 356290 عن كيفية زكاة المطعم.
والله تعالى أعلم.