الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما سمعته من كون التسميع يكون عند الانتقال صحيح، فإن محل التسميع، وتكبيرات الانتقال، عند الانتقال من الركن إلى غيره، لا قبله، ولا بعده، ثم التسميع كتكبيرات الانتقال، مختلف في وجوبه، فأوجبه الحنابلة، وذهب الجمهور إلى أنه مستحب.
والمذهب عند الحنابلة أن من تعمد الإتيان ببعض الذكر الواجب بعد محله، فصلاته باطلة، لكن سهل بعضهم في هذا، فرأى أن من أتم التكبير، ومثله التسميع، بعد انتقاله، فلا حرج عليه، وصلاته صحيحة؛ وذلك لمشقة الاحتراز، وعموم البلوى، قال المرداوي في الإنصاف: قال المجد في شرحه، وصاحب مجمع البحرين، والحاوي الكبير، وغيرهم: ينبغي أن يكون تكبير الخفض، والرفع، والنهوض، ابتداؤه مع ابتداء الانتقال، وانتهاؤه مع انتهائه, فإن كمله في جزء منه، أجزأه؛ لأنه لا يخرج به عن محله بلا نزاع, وإن شرع فيه قبله، أو كمله بعده، فوقع بعضه خارجًا عنه، فهو كتركه؛ لأنه لم يكمله في محله, فأشبه من تمم قراءته راكعًا، أو أخذ في التشهد قبل قعوده, ويحتمل أن يعفى عن ذلك؛ لأن التحرز منه يعسر، والسهو به يكثر، ففي الإبطال به، أو السجود له مشقة.
قال ابن تميم: فيه وجهان، أظهرهما: الصحة، وتابعه ابن مفلح في الحواشي, قلت: وهو الصواب. انتهى.
وأما إن أتيت بالذكر الذي هو التسميع بعد الرفع من الركوع، فقد تركت واجبًا، فإن كان ذلك سهوًا، فعليك أن تسجد للسهو، وجوبًا عند الحنابلة، وإن تعمدت ذلك، بطلت صلاتك عندهم، وصلاتك صحيحة عند الجمهور بكل حال.
ثم اعلم أن مذهب الجمهور هو أن المأموم لا يقول: "سمع الله لمن حمده"، وإنما يقولها الإمام، والمنفرد أثناء الرفع من الركوع، ثم يقولان بعد الرفع: "ربنا ولك الحمد"، وأما المأموم فيكفيه التحميد، ومحله في أثناء الرفع، ولا يقول: "سمع الله لمن حمده"، خلافًا للشافعية، وراجع الفتوى رقم: 305785.
وبه تعلم أن قولك: "ربنا ولك الحمد" في أثناء الانتقال، هو الصواب الموافق لمذهب الجمهور.
والله أعلم.