الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإن البرنامج المعروف باسم: "سناب شات" هو برنامج لتصوير مقاطع الفيديو، كما هو معلوم، وفيه إمكانية إضافة بعض التغييرات على صورة المتحدث، من خلال الضغط على بعض الأيقونات التي تسمى: "فلاتر".
وبعد اطلاعنا على تلك الفلاتر، تبين لنا أن منها ما هو جائز، كإضافة صورة ورود فوق الرأس، ونحو ذلك، ومنها ما هو غير جائز، كتغيير لسان المتحدث إلى لسان كلبٍ مثلًا، أو إضافة أذني حيوان إلى رأسه، ونحو هذا، ولا شك أن في هذا تشبهًا بالحيوانات، والله تعالى قد كرم الإنسان، وخلقه في أحسن تقويم، وتشبهه بالحيوان نقصٌ، وحطٌ عن ذلك التكريم، وقد قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالكَلْبِ، يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ. رواه البخاري، وغيره. ومعنى: ليس لنا مثل السوء: لا ينبغي لنا أن نتصف بصفة ذميمة، نشابه فيها أخس الحيوانات.
وجاءت نصوص شرعية كثيرة بالمنع من التشبه بالحيوانات، وكلِّ ما من شأنه حط بالمسلم، كما قال ابن القيم في كتابه الفروسية: جَاءَت الشَّرِيعَة بِالْمَنْعِ من التَّشَبُّه بالكفار، والحيوانات، وَالشَّيَاطِين، وَالنِّسَاء، والأعراب، وكل نَاقصٍ ... اهـ. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فَالْأُمُورُ الَّتِي هِيَ مِنْ خَصَائِصِ الْبَهَائِم، لَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ التَّشَبُّهُ بِالْبَهَائِمِ فِيهَا. اهـ. وقال أيضاً: التَّشَبُّهُ بِالْبَهَائِمِ فِي الْأُمُورِ الْمَذْمُومَةِ فِي الشَّرْعِ، مَذْمُومٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ: فِي أَصْوَاتِهَا، وَأَفْعَالِهَا؛ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِثْلُ: أَنْ يَنْبَحَ نَبِيحَ الْكِلَابِ؛ أَوْ يَنْهَقَ نَهِيقَ الْحَمِيرِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وقد أفتت اللجنة الدائمة بعدم جواز لبس الأقنعة التي تصنع على شكل رأس حيوان؛ لما في لبسها من التشبه به، وذكرت من أسباب عدم الجواز: أن فيها تشبهًا بالحيوانات، ولا يجوز للإنسان أن يتشبه بالحيوان، ولا سيما السباع. اهـ.
كما أن بعض التغييرات التي يمكن عملها بتلك الفلاتر على وجه المتحدث، وإن لم تكن من قبيل التشبه بالحيوانات، فهي مما ينافي المروءة، وبعضها لو فعلها الرجل بصورته؛ لكان متشبها بالنساء، وبعضها لو فعلتها المرأة بصورتها؛ لكانت متشبهة بالرجال، كأن تضيف إليها شاربًا، أو لحيةً، ونحو ذلك.
وأما المقصود بحبس الظل: فإن هذا المصطلح تعبير حادث في هذا العصر، ويقصدون به ما يحصل في التصوير الفوتوغرافي، فيقولون: هو حبس للظل، بمعنى: هو في حقيقته تثبيت للصورة، وليس تصويرًا مجسمًا.
والله تعالى أعلم.