الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الإمام القرطبي رحمه الله: قَوْلُهُ تَعَالَى:" فَإِنْ أَعْرَضُوا" يَعْنِي كُفَّارَ قُرَيْشٍ، عَمَّا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ مِنَ الْإِيمَانِ." فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ" أَيْ خَوَّفْتُكُمْ هَلَاكًا مِثْلَ هَلَاكِ عَادٍ وَثَمُودَ." انتهى.
أما بخصوص قولك: لكن حسب علمي، فقريش لم ينزل عليهم أي عذاب في الدنيا. فإن أردت عذاب الاستئصال بحيث يهلكون جميعا، فكلامك صحيح، وهو أمر معلوم من السيرة.
أما إن كنت تقصد مطلق العذاب، فكلامك غير صحيح؛ فإن قريشا تعرضت للعذاب، فقتل منهم من قتل كما في بدر، كما تعرضوا لقحط شديد وجوع بعد ما دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما هو معلوم من السيرة.
وقد أخرج الإمام الطبري بسنده في تفسيره عن مجاهد في قوله تعالى: وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ {السجدة:21}. قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا. انتهى.
وأخرج كذلك عن مجاهد أنه كان يحدّث عن أُبيّ بن كعب أنه كان يقول:(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العَذَابِ الأدْنَى دُونَ العَذَابِ الأكْبَرِ) يوم بدر. انتهى.
وقال الطبري: قال آخرون: عنى بذلك سنون أصابتهم. اهـ.
والله أعلم.