الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت حين تبت إلى الله سبحانه من الإدمان، وهذه علامة خير فيك، فلعل الله عز وجل أراد بك خيرا بتوفيقك للتوبة. فجزاك الله خيرا، وثبتنا وإياك على الحق، وزادنا وإياك هدى وتقى وصلاحا.
ولا تلتفت إلى من يعيرك بأنك مدمن، أو بغير ذلك، فتعيير المسلم بذنب ارتكبه، أمر خطير، وخاصة إن كان قد تاب منه، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 169979. وقابل تصرفاتهم هذه بالذكر والصبر، والتغافل.
واعلم أن الزواج تعتريه أحكام الشرع الخمسة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 3011، والفتوى رقم: 16681.
فإن كان تركك الزواج يقودك إلى الوقوع في الاستمناء، فالزواج واجب في حقك؛ لأن الاستمناء محرم، وله أضراره في دين المرء ودنياه، وانظر الفتوى رقم: 7170، فالواجب عليك التوبة.
والزواج له فضله، وتترتب عليه كثير من المصالح الشرعية.
قال البهوتي الحنبلي في حاشية الروض المربع، عند قول الحجاوي في زاد المستقنع: وفعله مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة؛ لاشتماله على مصالح كثيرة كتحصين فرجه، وفرج زوجته، والقيام بها، وتحصيل النسل، وتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك. اهـ.
فانظر كم سيفوتك من الخير إن أعرضت عن الزواج. فبادر إلى الزواج، وأكثر من دعاء الله عز وجل أن يرزقك المرأة الصالحة، وإن رفضك أهل بلدك تزويجك فابحث عند غيرهم، فأنت في سعة من أن تحصر نفسك بالبحث في مكان معين، فأرض الله واسعة والنساء كثير. وعليك بالصوم فهو أقطع للشهوة، املأ فراغك بما ينفع. وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى رقم: 243196.
ومن الغريب أن تفكر في الانتحار وأنت المسلم التائب إلى ربك، ومرجو أن تكون من أحبائه، فقد قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة:222}، وهل تقدم على فقد حياتك، وخسران دينك ودنياك لأجل سفه هؤلاء السفهاء ممن يشتغلون بما لا يعنيهم، ويصفونك بالعجز الجنسي. والأولى أن يكون تصرفهم هذا دافعا لك للزواج لا لتركه، أو للتفكير في الانتحار. وهو -أي الانتحار- لا يحل مشكلة، بل ينقل صاحبه إلى شقاء أعظم، وعذاب أليم في نار جهنم، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
ونوصيك في الختام بصحبة الصالحين، والحرص على استشارتهم في أمورك؛ ليكونوا عونا لك فيها.
والله أعلم.