الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم درجات، وأدناها ترك القطع ولو بالسلام، جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب: ... قَالَ مُثَنَّى: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الْقَرَابَةُ مِن النِّسَاءِ فَلَا يَقُومُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَيُّ شَيْءٍ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ بِرِّهِمْ؟ وَفِي كَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَهُمْ؟ قَالَ: اللُّطْفُ وَالسَّلَامُ. وَفِي الْحَدِيثِ: بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ. اهـ
وقال القاضي عياض رحمه الله: وللصلة درجات، بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة. فمنها واجب، ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة، ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلا. نقله العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (17 / 277)
وعليه؛ فما دام هؤلاء الأولاد لا يقطعون أختهم، فلا إثم عليهم، وأحرى ألا يكون على الأب إثم في ذلك، ولا ينبغي له أن يعنفهم، أو يقطعهم حتى يصلوا أختهم تمام الصلة، لكن ينصحهم، ويبين لهم فضل الصلة، وثواب الاجتهاد فيها.
وعلى الأولاد أن يطيعوا أباهم في صلة أختهم، ويحسنوا إليها، ويتوددوا إليها؛ براً بوالدهم، وصلة لرحمهم، وأكرم به من عمل صالح يحبه الله، ويثيب عليه أعظم الثواب، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.
والله أعلم.