الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالمسافة المذكورة في السؤال بين مكان العمل وبين السكن إن كانت في نفس المدينة، فإنه لا يجوز له أن يترخص برخص السفر، ما دام يعمل في مدينته.
وإن كان يعمل في مدينة، أو بلدة أخرى غير التي يقيم فيها، فإن المسافة المذكورة تعتبر مسافة سفر، إذا كانت محسوبة من خارج عمران المدينة التي يسكنها، وليس من داخلها، فيجوز له في أثناء الطريق أن يترخص برخص السفر من الفطر في رمضان، والجمع بين الصلاتين والقصر.
وإذا وصل إلى تلك المدينة، وعلم أنه سيقيم فيها إقامة لا تزيد عن عشرين صلاةً مكتوبة، فإنه لا حرج عليه في الترخص برخص السفر من قصر الصلاة، والفطر في رمضان.
ويجب عليه القضاء بعد ذلك، لا الكفارة.
وإن علم أنه سيصلي في تلك المدينة إحدى وعشرين صلاةً، أو أكثر، فإن سفره ينقطع بمجرد وصوله إليها، وليس له أن يترخص برخص السفر من الفطر، والقصر، وغيرهما، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: إنْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَكْثَرَ من عِشْرِينَ صَلَاةً، أَتَمَّ، وَإِلَّا قَصَرَ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَذْهَبُ... اهــ.
ويرى الشافعية، وغيرهم أن له قصر الصلاة ما دام لا يقيم أربعة أيام كاملة سوى يومي الدخول والخروج، قال النووي في المجموع: مَذْهَبنَا أَنَّهُ إنْ نَوَى إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ، انْقَطَعَ التَّرَخُّصُ، وَإِنْ نَوَى دُونَ ذَلِكَ، لَمْ يَنْقَطِعْ، وَهُوَ مَذْهَبُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَالِكِ، وَأَبِي ثَوْرٍ.. اهـ.
ولا حرج عليه في الأخذ بهذا المذهب.
والله تعالى أعلم.