الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا في البدء: نشكرك على مسعاك في مساعدة هذه المرأة وابنها، ونسأل الله عز وجل أن يجزيك على ذلك خيرًا، ويجعله في ميزان حسناتك في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الساعي على الأرملة، والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل والصائم النهار.
وإذا أوقع الله في قلب الرجل حب امرأة أجنبية عنه، وعفّ نفسه من الوقوع معها فيما حرم الله، فلا مؤاخذة عليه في ذلك؛ لأنه لا يملك أمر قلبه، وقد قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، وفي سنن ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه. وهذا الحكم يشمل المرأة أيضًا. ولكن ما ذكرته من عبارة: "نشعر بحب متبادل في علاقتنا"، يشعر بأن الأمر قد يكون تعدى إلى ما هو محذور شرعي.
وعلى كل حال؛ فالواجب الحذر، وترك التواصل المباشر معها، فإن التواصل المباشر معها ذريعة للفتنة، وسد الذريعة واجب، خاصة أن هذه المرأة قد صارت تحت زوج، ويمكن إيصال المساعدة لها عن طريقه؛ سواء كانت مادية أم غيرها.
ولا يخفى عليك أن بعد المسافة، لا يمنع وقوع المحرم، ولا سيما مع توفر وسائل التواصل، وتقدمها.
وفتنة الرجال بالنساء عظيمة؛ ولذلك جاءت السنة بالتحذير في هذا الجانب، روى البخاري ومسلم، عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء. وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء.
وفي الختام نقول: إن شأن المؤمن اجتناب مواطن الشبهات.
والله أعلم.