الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإن كنتِ مُكرَهة على الجماع في نهار رمضان، فلا كفارة عليك، والأحوط أن تقضي صيام اليومين المذكورين أيضا؛ لأن من العلماء من يرى أن صيام المكرهة فاسد، وإن لم تلزمها الكفارة المغلظة.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: الصَّحِيحُ مِن الْمَذْهَبِ: فَسَادُ صَوْمِ الْمُكْرَهَةِ عَلَى الْوَطْءِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ .. وَعَنْهُ لَا يَفْسُدُ. اهــ .
وأما إن طاوعتِ زوجَك على الجماع في نهار رمضان، ولم تكوني مكرهة، فإنك تلزمك ابتداء التوبة إلى الله تعالى بالندم، والعزم على عدم العودة، وثانيا: تلزمك الكفارة في قول جمهور أهل العلم، وهي كما قال في الروض مع حاشيته: كفارة الوطء في نهار رمضان: عتق رقبة، فإن لم يجد رقبة، فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصوم، فإطعام ستين مسكينا، قال النووي: أجمع عليه العلماء. اهـــ.
وبما أن الجماع تكرر في يومين فتلزمك كفارتان في قول الجمهور، عن كل يوم كفارة.
جاء في الموسوعة الفقهية: إِذَا جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يُكَفِّرْ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأْوَّل: تَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ قَوْل اللَّيْثِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَقَدِ اسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِأَنَّ صَوْمَ كُل يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُنْفَرِدَةٌ، فَإِذَا وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ بِإِفْسَادِهِ لَمْ تَتَدَاخَل كَفَّارَاتُهَا، كَرَمَضَانَيْنِ، وَكَالْحَجَّتَيْنِ، وَكَالْعُمْرَتَيْنِ.
الْقَوْل الثَّانِي: تُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَبِهِ قَال الزُّهْرِيُّ وَالأْوْزَاعِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ إِطْلاَقِ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ . اهـ، ولا تتضاعف الكفارة بالتأخير.
وأما قولك: "وما حكم تأخير القضاء للآن" فيحرم في قول جمهور أهل العلم تأخير قضاء رمضان حتى يدخل رمضان آخر، ومن أخره لغير عذر وجب عليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، ومقدار الإطعام مد من البر أي ما يساوي 750 جراما، أو نصف صاع من غير البر وهو ما يساوي كيلو ونصف تقريبا من الشعير والتمر ونحوهما، والواجب عند جمهور أهل العلم هو الإطعام أو دفع الطعام لا دفع قيمة الطعام، وقد ذهب أبو حنيفة إلى جواز إخراج القيمة في الكفارات والزكاة، ووافقه شيخ الإسلام ابن تيمية إذا كان ذلك أنفع للمساكين.
والله تعالى أعلم.