الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فهم كلام العلماء حق الفهم إنما يتم بمعرفة سياق كلامهم، وسباقه ولحاقه، ليتبين المقصود بذلك.
وعبارة ابن تيمية المنقولة قد ذكرها في سياق الكلام عن عدم مشروعية قصد القبور للدعاء عندها، ثم بين أن ما يقع من إجابة الداعي عند بعض القبور، لا يقتضي مشروعية قصد القبر للدعاء، فإجابة الدعاء وتحققه لا يقتضي أن الدعاء مشروع ومستحب، بل الدعاء البدعي المنهي عنه شرعا قد يجاب، لأسباب أخرى، فإجابة سؤال من سأل النبي صلى الله أو غيره لا يدل على أن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره مستحب ومشروع، هذا هو مقصود ابن تيمية من العبارة المنقولة.
فقد قال: وكذلك سؤال بعضهم للنبي صلى الله عليه وسلم، أو لغيره من أمته حاجة فتقضى له، فإن هذا قد وقع كثيرا، وليس هو مما نحن فيه.
وعليك أن تعلم: أن إجابة النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره لهؤلاء السائلين، ليس مما يدل على استحباب السؤال، فإنه هو "القائل صلى الله عليه وسلم: «إن أحدهم ليسألني المسألة فأعطيه إياها، فيخرج بها يتأبطها نارا"، فقالوا: يا رسول الله؛ فلم تعطيهم؟ قال: "يأبون إلا أن يسألوني، ويأبى الله لي البخل».
وأكثر هؤلاء السائلين الملحين لما هم فيه من الحال، لو لم يجابوا لاضطرب إيمانهم، كما أن السائلين به في الحياة كانوا كذلك، وفيهم من أجيب، وأمر بالخروج من المدينة.
فهذا القدر إذا وقع يكون كرامة لصاحب القبر، أما أن يدل على حسن حال السائل فلا، [ف]فرقٌ بين هذا وهذا .اهـ.
وراجع للفائدة الفتوى: 277003.
والله أعلم.