الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالشخص الثالث قصد الإخبار، ولم يقصد التحريض -كما ذكرت-، ولم يكن يتوقع أن يتم قتل زيد بسبب ما أخبر به عنه.
وعلى هذا؛ فلا يكون قاتلًا، ولا مشاركًا في القتل، لكنه إن كان ما قام به وشاية، يكون قد ارتكب إثمًا عظيمًا، لكن الدية، وجناية القتل إنما تجب على من باشر القتل دون من وشى أو تسبب؛ لما تقرر عند الفقهاء: أنه إذا اجتمع التسبب والمباشرة، اعتبرت المباشرة دونه. وراجع الفتوى رقم: 120799.
إلا إذا كانت الوشاية شهادة بالزور على ما يقتضي القتل، فقتل ذلك الشخص بموجبها، فإن عليه الدية، أو القصاص، كما جاء في حاشية الدسوقي المالكي على الشرح الكبير: وَدِيَةً إذَا شَهِدَا بِقَتْلٍ، وَلَوْ تَعَمَّدَا الزُّورَ فِي شَهَادَتِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ؛ يُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي الْعَمْدِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّهُمَا قَتَلَا نَفْسًا بِغَيْرِ شُبْهَةٍ. اهـ.
وقال ابن عاصم في تحفة الحكام:
وَشَاهِدُ الزُّورِ اتِّفَاقًا يَغْرَمُهْ فِي كُلِّ حَالٍ الْعِقَابُ يَلْزَمُهْ.
قال شارحه: وَإِنْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ، أَوْ الْجُرْحِ عَمْدًا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ، وَثَبَتَ أَنَّ شَهَادَتَهُ بِالْقَتْلِ، أَوْ بِالْجُرْحِ كَانَتْ زُورًا وَكَذِبًا، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُغَرَّمُ الدِّيَةَ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُقْتَصُّ مِنْ الشَّاهِدِ. اهـ.
والله أعلم.