الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت، فلست عاقاً لوالديك، ولا عاصياً لربك بترك الانبساط إلى الوالدين، ما دام هذا الانبساط يؤدي إلى مفسدة ظاهرة، وما دمت قائماً بحقهما، مجتنباً لأذيتهما، وراجع الفتوى رقم: 76303
لكن ينبغي عليك أن تطمح إلى الوصول إلى أعلى درجات البرّ بهما، والإحسان إليهما، فهذا لا يستلزم منك أن تضرّ نفسك، أو تحمّلها ما لا تطيق. ولكن ذلك يحصل بالاستعانة بالله تعالى، ومجاهدة النفس، وتحري الإخلاص لله عز وجل، وكل ذلك يسير على من يسرّه الله عليه.
ومما يعينك على الاجتهاد في برهما: أن تستحضر في نفسك منزلة هذا البر في الشرع، وعظيم ثوابه عند الله، وكونه من أعظم أسباب رضوان الله ودخول جناته، فعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.
قال المباركفوري -رحمه الله-: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا. وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ، مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. اهـ.
والله أعلم.