الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لأبيك تمام الأجر على ما نزل به، ونسأله تعالى أن يزيدك حرصا على بره والإحسان إليه.
ثم اعلم أن الواجب على أبيك أن يصلي ما دام عقله ثابتا، وعليه أن يصلي على حسب حاله. فإن استطاع القعود، فإنه يصلي قاعدا. وإن لم يستطع، فإنه يصلي على جنب، ويومئ بالركوع والسجود، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه. وإن كان لا يستطيع النطق، فإنه يمر الأذكار على قلبه ويرددها في نفسه، وتبرأ ذمته بذلك؛ لأن هذا هو ما يقدر عليه، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
وسواء صلى في البيت أو المسجد، فإنه يفعل ما ذكرنا من إمرار أذكار الصلاة على قلبه، وما دام يسمعك ويفهم عنك، فإنك تفهمه ذلك، وتشرحه له حتى يأتي بالصلاة على وجهها.
قال الشيخ ابن عثيمين: فإن عجز عن القول والفعل، بحيث يكون الرَّجُلُ مشلولاً ولا يتكلَّم. فماذا يصنع؟
الجواب: تسقط عنه الأقوالُ والأفعالُ، وتبقى النِّيةُ، فينوي أنَّه في صلاةٍ، وينوي القراءةَ، وينوي الركوعَ والسجودَ والقيامَ والقعودَ. هذا هو الرَّاجحُ؛ لأن الصَّلاةَ أقوالٌ وأفعالٌ بنيَّةٍ، فإذا سقطت أقوالُها وأفعالُها بالعجزِ عنها بقيت النِّيةُ، ولأن قولنا لهذا المريض: لا صلاةَ عليك، قد يكون سبباً لنسيانه الله، لأنه إذا مرَّ عليه يومٌ وليلةٌ وهو لم يُصلِّ، فربَّما ينسى اللهَ عزّ وجل، فكوننا نشعرُه بأن عليه صلاةً، لا بُدَّ أن يقومَ بها ولو بنيَّةٍ، خيرٌ مِن أن نقول: إنَّه لا صلاةَ عليه. انتهى.
وأما موضع كرسي أبيك في المسجد: فإن أمكن أن يكون في الصف، فهو حسن، وإن تضرر المصلون بذلك، فليكن في الصف المؤخر، ولتقف معه إن لم يكن معه من يصف معه؛ لئلا يكون منفردا خلف الصف.
وانظر لبيان كيفية مساواة الكرسي للصف، فتوانا رقم: 359026، وما تضمنته من إحالات.
والله أعلم.