الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام حث على التقلل من الدنيا، والزهد فيها، وحذر من الإفراط في تناول الطعام والشراب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ملأ آدمي وعاء شرًّا من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه. رواه الترمذي، وغيره، وصححه الألباني.
ولكنه مع ذلك أمر بالأكل والشرب، وأخذ الزينة باعتدال، دون إفراط ولا تفريط؛ فقال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِين. {الأعراف: 31}.
وبخصوص ما تفعله السائلة من الأكل فوق الشبع, فهو مكروه عند الجمهور.
ويحرم الشبع إذا ترتب عليه ضرر على النفس, أو تخمة, كما بينا في الفتويين: 256825، 267898.
أما صنع المرطبات, والحلويات, فالأصل فيه الإباحة, فإن الله سبحانه وتعالى أباح للمؤمن تناول الطيبات، من غير إسراف؛ قال الله تعالى: قلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {الأعراف:32}، وقال الله سبحانه: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأعراف:31}.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، عند كلامه على حديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى، والعسل.
قال: ودخل في معنى هذا الحديث كل ما يشابه الحلوى، والعسل من أنواع المآكل اللذيذة .... إلى أن قال: ويؤخذ منه جواز اتخاذ الأطعمة من أنواع شتى، وكان بعض أهل الورع يكره ذلك، ولا يرخص أن يأكل من الحلاوة إلا ما كان حلوه بطبعه، كالتمر، والعسل. وهذا الحديث يرد عليه، وإنما تورع عن ذلك من السلف من آثر تأخير تناول الطيبات إلى الآخرة، مع القدرة على ذلك في الدنيا تواضعًا. انتهى.
وعلى هذا؛ فيجوز للسائلة صناعة الحلويات بمختلف أنواعها, وتقديمها لأهلها؛ بشرط ألا يزيد ذلك فوق الحاجة, فيدخل في ضابط الإسراف المحرّم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 19064, والفتوى رقم: 194707، وراجعي أيضًا لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 339112.
والله أعلم.