الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس شيء من هذه الأماكن يعد مسجدًا.
وعلى هذا؛ فالأولى الصلاة مع الجماعة الأكثر عددًا؛ وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ، أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلَيْنِ، أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ، فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى. رواه أبو داود من حديث أبي بن كعب -رضي الله عنه-.
وقد صرح الفقهاء بأن مراعاة كثرة الجمع أولى، إلا إن صلى في مسجد قليل الجمع، فالصلاة فيه أولى من الصلاة في بيت كثير الجمع، قال في مغني المحتاج: وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ -كَمَا مَرَّ-، (وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ) مِنْ الْمَسَاجِدِ -كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ- (أَفْضَلُ) مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ مِنْهَا، وَكَذَا مَا كَثُرَ جَمْعُهُ مِنْ الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ مِنْهَا - أَيْ: فَالصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ، أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ الْقَلِيلَةِ فِيمَا ذُكِرَ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ، فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَغَيْرُهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ قَلِيلَ الْجَمْعِ فِي الْمَسْجِدِ، أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ فِي الْبَيْتِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ بِالْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ: أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ، أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْجَمَاعَةِ وُجِدَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَامْتَازَتْ هَذِهِ بِالْمَسْجِدِ، فَمَحَلُّ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا لَمْ تُشَارِكْهَا الْأُخْرَى، كَأَنْ يُصَلِّيَ فِي الْبَيْتِ جَمَاعَةً، وَفِي الْمَسْجِدِ مُنْفَرِدًا. انتهى.
والله أعلم.