الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على إعجابك بموقعنا، وجزاك الله خيرًا على ثقتك بنا، وكتابتك إلينا، ونسأل الله تعالى أن يعيننا وإياك على طاعته، وأن يجنبنا الشيطان ونزغاته، وأن يعيننا على خدمة دينه، ونشر الخير في الناس، ويرزقنا الإخلاص، والقبول، إن ربنا سميع مجيب.
وهذه الحال التي أنت عليها أمرها غريب، وهي بلا شك نوع من الشذوذ، وقد يكون للشيطان فيها مدخل؛ ليمكر بك، ويستدرجك منها إلى ما هو أشد وأعظم، وقد حذر الله تعالى من شره فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.
فإذا انتابك شيء من هذه الخواطر، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا تسترسل معها.
واحرص على صحبة الأخيار، وملء فراغك بالنافع من أمر الدين والدنيا.
واحرص على الصوم حتى ييسر الله لك الزواج.
وأكثر من دعاء الله تعالى أن يزيل العوائق، وييسر لك زوجة صالحة تعفها، وتعفك، والأمر على الله يسير.
وإذا كنت فقيرًا، فقد تجد من يرضى باليسير ويزوجك، هذا بالإضافة إلى أن الزواج نفسه من أسباب الغنى، كما قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}، وفي سنن الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف.
والجنة هي دار الطيب، يدخلها الطيبون، ولا يكون فيها إلا ما هو طيب، قال تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ {الزمر:73}، فلا يوجد في الجنة شيء من الخبث، ولا يشمله ما جاء في عموم النصوص من نحو قوله عز وجل: لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ {ق:35}.
ولا يلزم من حل الخمر في الجنة، على صفتها التي ذكرها ربنا خالية مما هو من كدر خمر الدنيا، أو حل الحرير للرجال في الجنة، أن يقاس على ذلك كل ما هو محرم في الدنيا.
وما يتمناه المرء في الدنيا، قد لا يكون هو أمنيته في الآخرة، فهذه الدار تختلف عن تلك الدار جملة وتفصيلًا، فدع عنك التفكير في مثل هذا.
واصرف همتك إلى تحصيل ما يدخلك الجنة من تحقيق الإيمان بالله تعالى، وما يقتضيه ذلك من اعتقاد، وقول، وعمل.
وسل ربك دار كرامته التي أعد فيها لعباده الصالحين من النعيم المقيم الأبدي ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. ولمزيد الفائدة نحيلك على الفتاوى: 12928، 1208، 10800.
والله أعلم.