الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فحكمُ ما فعلتَه هو التحريم بلا شك، ولو دون إيلاج، وسواء كنت محصنًا أم غير محصن، وهو نوع من الزنى؛ لما جاء في الحديث: لِكُلِّ ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَى، فَالْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ، وَزِنَاهُمَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ، وَزِنَاهُمَا الْمَشْيُ، وَالْفَمُ يَزْنِي، وَزِنَاهُ الْقُبَلُ، وَالْقَلْبُ يَهِمُّ أَوْ يَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ. الحديث رواه أحمد، والبيهقي، وغيرهما. ورواه البخاري بلفظ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَى العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَى اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ. فما فعلتَه يعتبر من الزنى، ويستوجب التوبة إلى الله تعالى.
وأما كيف تتوب؟ فالتوبة تكون بالندم على ما فعلتَ، والعزمِ الصادق على عدم العودة إليه مستقبلًا، فإن ندمت وعزمت على عدم العودة، صحت توبتك، وأبشر بعفو الله تعالى، ومغفرته، فقد قال سبحانه وتعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53]، وعليك أن تستر نفسك، ولا تحدث بالأمر أحدًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا، فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ، نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ، قال ابن عبد البر -رحمه الله-: .. فيه أيضًا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه، إذا أتى فاحشة. اهــ.
ولتحذر مستقبلًا من الخلوة بامرأة أجنبية؛ فإن هذا من دواعي الوقوع في الفاحشة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ. رواه الترمذي، وغيره.
والله تعالى أعلم.