الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالطبّ من أشرف العلوم بعد علوم الشريعة، وأنفعها بعد العلوم المتلقاة عن الوحي؛ ففيه خير للأمة، وإنقاذ لحياة البشر، وإعادة لصحة المريض، وغير ذلك من المنافع العظيمة، حتى روى ابن أبي حاتم الرازي في (آداب الشافعي ومناقبه) عنه، أنه قال: إنما العلم علمان: علم الدين، وعلم الدنيا، فالعلم الذي للدين هو: الفقه، والعلم الذي للدنيا هو: الطب. اهـ. وروى عنه أيضًا: لا تسكنن بلدًا لا يكون فيه عالم يفتيك عن دينك، ولا طبيب ينبئك عن أمر بدنك. اهـ.
وذكر الذهبي في ترجمة الإمام الشافعي من سير أعلام النبلاء عن تلميذه حرملة، أن الشافعي -رحمه الله- كان يتلهف على ما ضيع المسلمون من الطب، ويقول: ضيعوا ثلث العلم، ووكلوه إلى اليهود، والنصارى. اهـ.
ونقل عنه الذهبي أنه قال: لا أعلم علمًا بعد الحلال والحرام، أنبل من الطب، إلا أن أهل الكتاب قد غلبونا عليه. اهـ.
فمن حسنت نيته في طلب هذا العلم الشريف، وسخره لنفع الناس، وإعانتهم، فلا ريب أنه على خير عظيم، وقد فتح له باب من أبواب البر، والإحسان إلى الناس، وحسبه أنه يتعرض لنيل الفضيلة المنوه بها في قوله تعالى: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32]، وراجع في بيان النية التي ينبغي لمتعلم الطب استحضارها، الفتوى رقم: 125971.
وأما الجهاد فباب آخر من أبواب الفضائل العظيمة، وهو أنواع تتناول في مجموعها مجاهدة النفس، والشيطان، والفساق، والكفار، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 54245.
والله أعلم.