الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت؛ فإنّ والدك مسيء، وظالم لكم ولأمّكم، لكن ذلك لا يسقط حقه عليك في البِر، والمصاحبة بالمعروف؛ فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين، اللذين يأمران ولدهما بالشرك، وانظر الفتوى رقم: 114460.
وبرّ الوالد لا يستلزم البقاء معه في البيت، فيجوز للأولاد البالغين الانفراد بالسكن، ولا يعد ذلك عقوقًا، وراجع الفتوى رقم: 165457، لكن إذا كانت أمّكم صابرة راضية بالبقاء مع أبيكم، فليس لكم أن تخرجوها من بيته، أو تأخذوها معكم في منزل آخر دون إذنه.
أمّا إذا فارقته بطلاق، أو خلع، أو كانت متضررة من بقائها في بيت أبيكم، ولم تقدر على مفارقته بالطلاق، أو الخلع، فيجوز لكم إسكانها معكم بعيدًا عن الوالد.
وانفرادكم بالسكن عن أبيكم، لا يبيح لكم قطعه، أو هجره بالكلية، ولا الإساءة إليه بقول، أو فعل، لكن عليكم بره، وزيارته بالقدر الذي لا يحصل به الضرر، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- في فتاوى نور على الدرب: فالمقصود أن الوالدين لهما شأن عظيم، فلا يهجرهما الولد، بل يتلطف بنصيحتهما، وتوجيههما للخير، ويستعين على ذلك بمن يتيسر من أخوال، أو إخوان، أو أعمام... اهـ.
والله أعلم.