الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل لوالدك المغفرة، والرحمة، ورفعة الدرجات في الفردوس الأعلى، ونسأله لأمّك الصحة، والعافية، وأن يرزقها رشدها، وصوابها، ويكسبك برها، ورضاها، ونسأله أن يتقبل منك برك بوالديك، وكل عمل صالح تعمله.
ودعاء الوالدين على الأبناء، مما جاء النهي عنه في السنة النبوية، ففي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم.
وعليك أن تجتنب ما تخشى أن يكون سببًا في مضايقتها، واستفزازها، ودعائها عليك، وتحين الوقت والحال المناسبين للكلام معها.
ويمكنك أيضًا أن تحقق ما تريده منها عن طريق شخص آخر غيرك، ترجو أن تسمع كلامه، وأن تستجيب له.
وعلى كل؛ فإننا نوصيك بالصبر عليها، ومقابلة إساءتها بالبر، والإحسان.
ولا يجوز لك الإساءة إليها، وإن أساءت هي، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}، قال الألوسي في تفسيره: وذكر في الدنيا لتهوين أمر الصحبة، والإشارة إلى أنها في أيام قلائل وشيكة الانقضاء، فلا يضر تحمل مشقتها؛ لقلة أيامها، وسرعة انصرامها. اهـ. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 299887.
وكونك تجد شيئًا من الضيق في نفسك بسبب بعض تصرفاتها، فلا مؤاخذة عليك في ذلك؛ لأن أمر القلوب لا دخل للمرء فيه، ولكن إن ترتب على ذلك ما يؤذي أمّك، كان ذلك عقوقًا لها، والعقوق من كبائر الذنوب.
والله أعلم.