الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا نشكرك على حرصك على اجتناب ما فيه معصية لله عز وجل، وما فيه ظلم للناس، وحرصك أيضا على أن تكوني عند حسن ظن أبيك فيك، فجزاك الله خيرا، وزادك هدى وتقى وصلاحا، ويسر لك الزوج الصالح الذي تقر به عينك.
ومما لا يخفى أن من أهم المقاصد التي جاء بها الشرع: شيوع الألفة والمودة بين المسلمين، فشرع كثيرا من الوسائل التي يتحقق بها هذا المقصد، ونهى عن كثير مما قد يفوت حصوله، ومن ذلك ما جاء من النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه، فإنه باب للخصومات وسبب للعداوة، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه.
قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام: وأما الخطبة قبل التراكن، فلا تمتنع، نظرا إلى المعنى الذي لأجله حرمت الخطبة، وهو وقوع العداوة والبغضاء، وإيحاش النفوس. اهـ.
وهذا المحذور يمكن أن يتحقق فيما إذا خطبت المرأة على خطبة أختها، ولأجل ذلك المقصد وتلك العلة، ذهب بعض أهل العلم إلى حرمة ذلك.
جاء في المبدع لابن مفلح الحنبلي قوله: وظاهر كلامهم يقتضي جواز خطبة المرأة على خطبة أختها. وصرح في الاختيارات بالمنع، ولعل العلة تساعده. اهـ.
فاتركي هذا الرجل، وأكثري من الدعاء، فلعل الله تعالى يبدلك من هو خير منه، ففوضي الأمر إليه، قال سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والمرأة يجوز لها أن تعرض نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها، وراجعي الفتوى: 18430.
والله أعلم.