الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجواب السؤال الأول هو: نعم. فما ذكره الأخ السائل موافق لما نعتقد، من أن وجود قديم سوى الله بصفاته ممتنع لذاته ... وهذا بيِّنٌ في جواب الفتوى المشار إليها في السؤال: 364606.
وهنا ننبه على أن أكثر العقلاء لا يثبتون قديما بغيره، ومن يقول بذلك فإنه يقول: قديم بقدم موجبه الواجب بنفسه، فهو معلول علة تامة موجبة أزلية مستلزمة لمعلولها.
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة: ما يثبت قدمه، فإما أن يكون قديما بنفسه، أو بغيره، فالقديم بنفسه واجب بنفسه، والقديم بغيره واجب بغيره، ولهذا كان كل من قال: إن العالم أو شيئا منه قديم، فلا بد من أن يقول: هو واجب بنفسه أو بغيره، ولا يمكنه مع ذلك أن يقول: ليس هو بواجب بنفسه ولا بغيره؛ فإن القديم بنفسه لو لم يكن واجبا بنفسه لكان ممكنا مفتقرا إلى غيره، فإن كان محدثا لم يكن قديما، وإن كان قديما بغيره لم يكن قديما بنفسه، وقد فرض أنه قديم بنفسه، فثبت أن ما هو قديم بنفسه، فهو واجب بنفسه. وأما القديم بغيره، فأكثر العقلاء يقولون: يمتنع أن يكون شيءٌ قديماً بفاعلٍ، ومن جوَّز ذلك فإنه يقول: قديم بقدم موجبه الواجب بنفسه، ففاعله لا بد أن يوجبه، فيكون علة موجبة أزلية؛ إذ لو لم يوجبه، بل جاز وجوده وجاز عدمه - وهو من نفسه ليس له إلا العدم - لوجب عدمه، ومع وجوب العدم يمتنع وجوده فضلا عن قدمه، فما لم يكن موجودا بنفسه، ولا قديما بنفسه إذا لم يكن له في الأزل ما يوجب وجوده لزم عدمه، فإن المؤثر التام إذا حصل لزم وجود الأثر، وإن لم يحصل لزم عدمه. اهـ.
وقال في الصفدية: القديم: إما قديم بنفسه، وإما قديم بغيره، والقديم بغيره ممتنع؛ لأنه لا يكون قديما بنفسه إلا إذا كان لازما للقديم بنفسه، وإلا فلو جاز أن يوجد معه وجاز أن لا يوجد معه لم يترجح أحدهما إلا بمرجح، لكن القديم المحدث للمخلوقات لا يجوز أن يلزمه شيء من آثاره؛ لأن آثاره لا تلزمه إلا إذا كان موجبا بنفسه بحيث لا يتخلف عنه موجبه، ولو كان كذلك لم تصدر عنه الحوادث لا بوسط ولا بغير وسط، فإذا صدرت عنه الحوادث علم أنه ليس مستلزما لمفعوله. اهـ.
وأما السؤال الثاني فنعتذر عن جوابه، عملا بسياسة الموقع في الجواب عن السؤال الأول فقط من الأسئلة المتعددة.
والله أعلم.