الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز استعمال هذه العبارة -أو غيره مما في معناها- في مقام سب أو غيبة من لا يستحق ذلك شرعا، ولعل هذا مما لا يخفى، بل ربما يكون السؤال عنه من التكلف والتعمق، وراجع للفائدة الفتوى: 178747.
والمراد بهذا المثل هو أن عظمة الجسم -الذي هو كمال في الأصل- لا يغني مع صغر النفس وضعف العقل والفهم، بل إنه ينقلب ذما لصاحبه، وأصل هذا المعنى مشار إليه في القرآن العظيم، قال تعالى -في شان المنافقين-: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ * وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ{المنافقون:4.3}.
جاء في التحرير والتنوير: فجملة: وإذا رأيتهم، معطوفة على جملة: فهم لا يفقهون [المنافقون: 3]. واقعة موقع الاحتراس والتتميم، لدفع إيهام من يغره ظاهر صورهم.
وأتبع انتفاء فقه عقولهم، بالتنبيه على عدم الاغترار بحسن صورهم، فإنها أجسام خالية عن كمال الأنفس، كقول حسان، ولعله أخذه من هذه الآية:
لا بأس بالقوم من طول ومن غلظ جسم البغال وأحلام العصافير
وتفيد مع الاحتراس تنبيها على دخائلهم، بحيث لو حذف حرف العطف من الجملتين لصح وقوعهما موقع الاستئناف الابتدائي. ولكن أوثر العطف للتنبيه على أن هاتين صفتان تحسبان كمالا وهما نقيصتان؛ لعدم تناسقهما مع ما شأنه أن يكون كمالا. فإن جمال النفس كجمال الخلقة، إنما يحصل بالتناسب بين المحاسن، وإلا فربما انقلب الحسن موجب نقص. اهـ.
وفي جمهرة الأمثال: قولهم: أنكحيني وانظري.
يضرب مثلا للرجل يكون له منظر ولا مخبر له، وهو كقولهم (ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل)
وفي هذا المذهب قول حسان: (لابأس بالقوم من طول ومن عرض ... جسم البغال وأحلام العصافير)
فأخذه ابن الرومي فقال:
(طول وعرض بلا عقل ولا أدب ... فليس يحسن إلا وهو مصلوب)
وقال:
(جمال أخي النهى كرم وخير ... وليس جماله عرض وطول) .اهـ.
وصخلة صوابها: سخلة، جاء في تهذيب اللغة: سخل: قال الليث: السخل: أولاد الشاة، والسخلة: الواحد والوحدة، ذكرا كان أو أنثى، والجميع: السخال والسخل. ويقال للأوغاد من الرجال: سخل وسخال، ولا يعرف منه واحد.
أبو عبيد -عن أبي زيد- يقال لولد الغنم ساعة تضعه أمه من الضأن والمعز جميعا، ذكرا كان أو أنثى: سخلة، وجمعها سخال، ثم هي البهمة، للذكر والأنثى وجمعها بهم .اهـ. باختصار.
والله أعلم.