الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن السباع, والثعابين إذا كانت مذكَّاة ذكاة شرعية, فإن جلودها طاهرة, ولا حرج في لبسها، بناء على مذهب بعض أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: وإذا ذُبح ما لا يؤكل لحمه، كان جلده نجسًا. وهذا قول الشافعي. وقال أبو حنيفة، ومالك: يطهر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دباغ الأديم ذكاته». أي: كذكاته، فشبه الدبغ بالذكاة، والمشبه به أقوى من المشبه، فإذا طهر الدبغ مع ضعفه، فالذكاة أولى؛ ولأن الدبغ يرفع العلة بعد وجودها، والذكاة تمنعها، والمنع أقوى من الرفع.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن افتراش جلود السباع، وركوب النمور»، وهو عام في المُذَكى، وغيره؛ ولأنه ذبح لا يطهر اللحم، فلم يطهر الجلد، كذبح المجوسي، أو ذبح غير مشروع، فأشبه الأصل. اهـ.
وعلى افتراض أن جلود الثعابين, والسباع غير طاهرة, فلا حرج في لبسها في الأحذية, وغيرها -كالحزام مثلًا-؛ لأن هذه الجلود تطهر بالدبغ، على القول المفتى به عندنا، كما سبق بيانه في الفتوى: 48329.
والله أعلم.