الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فخلاصة القول في حال هذا الشاب الذي مَنَّ الله عليه بالهداية عما فرط منه، وقد ذكر في السؤال أن أصحاب المظالم الذين سرق منهم، واعتدى على أموالهم بغير حق، ولا زال معه بعض ما أخذ، لكنه يجهل أعيان أصحاب الحقوق، فلا يمكنه أن يرد إليهم حقهم، أو يتحلل منهم بطلب المسامحة عما أخذ ليبرئوه منه، أو يعوضهم عما فات، وإذا كان كذلك، فله أن يتصدق بالحقوق عن أصحابها.
وإذا جهل مقدار ما أخذه، فليقدره، وليحتط في ذلك؛ حتى يخرج ما يغلب على ظنه براءة ذمته به.
وما بقي لديه من أغراض على حالها، فيمكنه التصدق بها أيضًا عن أصحابها؛ لمن ينتفع بها؛ عملًا بالمستطاع؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}، وقوله: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286}، وقد جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني ناقلًا عن ابن تيمية - رحمه الله- قوله: إذا كان بيد الإنسان غصوب، أو عوار، أو ودائع، أو رهون، قد يئس من معرفة أصحابها، فالصواب أن يتصدق بها عنهم... وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية، فدخل بيته ليأتي بالثمن، فخرج، فلم يجد البائع، فجعل يطوف على المساكين، ويتصدق عليهم بالثمن، ويقول: اللهم عن ربّ الجارية. انتهى.
والله أعلم.