الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فيجب أولًا قبل قسمة التركة على مستحقها، أن يتم سداد الدَّين الذي على الميت، ويخرج أيضًا من التركة ما يحج به عن الميت، وكذا تخرج الكفارات التي عليه، والزكاة؛ لأن هذه ديون على الميت، وهي مقدمة على حق الورثة في المال، كما بيناه في الفتوى: 6159.
وإن ضاقت التركة عن الجمع بين سداد دَين الآدمي، وبين الدَّين المتعلق بحق الله تعالى، كالزكاة، والكفارات، والحج عنه، فقد تعددت أقوال الفقهاء في أي الدينين يقدم: حق الله تعالى، أم حق العباد؟ وقد ذكرنا أقوالهم في الفتوى: 135663؛ فراجعها.
ثم إن بقي شيء من التركة بعد إخراج تلك الحقوق، أخرج منها الوصية المذكورة "برادة ماء"، فيشترى لها من تركتها برادة ماء؛ بحيث لا تزيد قيمتها عن ثلث التركة، وتوضع حيث أوصت.
وأما حفر بئر بدل شراء ثلاجة: فإذا كان حفر البئر أنفع من ثلاجة الماء، فلا نرى حرجًا في تغيير الوصية إلى حفر البئر بدل شراء الثلاجة، والمفتى به عندنا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه يجوز تغيير شرط الواقف، لما هو أكثر مصلحة، وأعظم أجرًا، كما بيناه في الفتوى: 188337.
وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذُكِرَ: فإن التركة للأبناء الثلاثة، والبنتين تعصيبًا، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء:11}، ولا شيء لأبناء وبنات الابن، والإخوة، وأبنائهم، ولا شيء للأخوات؛ لأنهم جميعًا لا يرثون مع وجود الابن، بل يُحجبون به حجب حرمان، فتقسم التركة على ثمانية أسهم، لكل ابن سهمان، ولكل بنت سهم واحد.
والبنت التي في ذمتها زكاة سابقة، ليس لها أن تتصدق بصدقة تطوع -لا من نصيبها في الميراث، ولا من غيره- قبل إخراج الواجب عليها من الزكاة، ومن المعلوم أن الفرض مقدم على النفل.
وأما ما ذكرتَه مما جرى بين الابن وأمّه من الحقوق، فلا يمكننا الإفتاء به؛ إذ يتطلب هذا سماع جميع الأطراف، وهذا متعذر، فننصحكم بمشافهة أحد أهل العلم الثقات بهذا الجزء من السؤال.
والله تعالى أعلم.