الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يهدي زوجك، ويصلحه، ويلهمه رشده، وأن يهيِّئ لكما ما فيه الخير والصلاح.
واعلمي أنّ تخيير المرأة زوجها بينها وبين زوجته الأخرى غير جائز؛ لأنّه دائر بين سؤال الطلاق لغير مسوّغ، وبين سؤال تطليق الزوجة الأخرى، وكلاهما منهي عنه شرعًا، فعن ثوبان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أحمد.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها، فإنما لها ما قدر لها. صحيح البخاري.
ونصيحتنا لزوجك إذا كان لم يطلقك أن يتقي الله، ويمسكك، ولا يطلقك، وأن يعاشرك بالمعروف، ويعدل بينك وبين زوجته الأخرى.
ونصيحتنا لك أن تتفاهمي مع زوجك، وتسأليه المعاشرة بالمعروف، والعدل في القسم، فإن أبى ذلك، فلك أن تسقطي له بعض حقوقك من القسم أو النفقة حتى لا يطلقك. قال تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء: 128].
وقد وهبت أم المؤمنين سودة بنت زمعة يومها وليلتها لعائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- تبتغي بذلك رضا رسول الله -صلى الله عليه و سلم- والحديث متفق عليه.
وإذا لم يكن هناك سبيل إلا الطلاق، ففوضي أمرك إلى الله، وتوكلي عليه، وأحسني ظنك به، فليس الطلاق شرًا في كل الأحوال، قال الله تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ [النساء: 130].
قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: أي وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. انتهى.
والله أعلم.