الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا حرج على صاحبك في إمساك القارورة أولا مع عدم علمه بما فيها من خمر، كما لا حرج عليه في استعمالها بعد إفراغ ما فيها من الخمر وغسلها.
وقد روى مسلم في صحيحه من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أن رَجُلًا أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟ قَالَ: لَا، فَسَارَّ إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمَ سَارَرْتَهُ؟، فَقَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا، قَالَ: فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا. اهــ
قال النووي في شرحه: في قوله: ففتح الْمَزَادَةَ، دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ أَنَّ أَوَانِيَ الْخَمْرِ لَا تُكْسَرُ وَلَا تُشَقُّ؛ بَلْ يُرَاقُ مَا فِيهَا. اهــ
كما أن حمل الخمر لأجل إراقتها لا يدخل تحت اللعن المذكور لحامل الخمر بل هو جائز، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة بأخذ الخمر ورميها، فَقَالَ: اضْرِبْ بِهَذَا الْحَائِطِ، فَإِنَّ هَذَا شَرَابُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. رواه أبو داود وغيره، وصححه الألباني، وأمر أبو طلحة رضي الله عنه أنسا أن يخرج بها ويريقها عندما علم بتحريمها، كما في صحيح البخاري وغيره.
والله تعالى أعلم.