الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فرسم الشجر على هيئة الإنسان، فيه تفاصيل الوجه والجسم والأطراف، ونحو ذلك: لا يخلو من إشكال وشبهة، ولا سيما إن كان له ظل (مجسم). وعلى أية حال فهو من مواضع الخلاف بين الفقهاء، باعتبار أنها صورة خيالية ليس لها نظير في الواقع.
قال الماوردي في الحاوي، وتبعه الروياني في بحر المذهب: لا فرق في تحريم صور ذوات الأرواح من صور الآدميين والبهائم، ولا فرق بين ما كان مستحسنا منها أو مستقبحا، أو ما كان عظيما أو مستصغرا، إذا كانت صور حيوان مشاهد. فأما صورة حيوان لم يشاهد مثله، مثل صورة طائر له وجه إنسان أو صورة إنسان له جناح طير ففي تحريمه وجهان: أحدهما: يحرم بل يكون أشد تحريما؛ لأنه قد أبدع في خلق الله تعالى، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يؤمر بالنفخ فيه، وليس بنافخ فيه أبدا. والوجه الثاني: وهو قول أبي حامد المروزي لا تحرم؛ لأنه يكون بالتزاويق الكاذبة أشبه منه بالصور الحيوانية. اهـ.
وقد سبق لنا ترجيح التحريم في صور ذوات الأرواح التي ليس لها نظير في الواقع، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 128134. ومنها تعلم أن الأمر يخف إذا كانت الملامح غير واضحة، ولا تظهر إلا عن قرب، فمثل ذلك مما رُخِّص فيه.
والله أعلم.