الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:فإن عبارة (الاختلاف بين العلماء رحمة) ترد كثيراً في كلام أهل العلم، وقد حملها بعض أهل العلم على الاختلاف في المسائل التي يمكن فيها الاجتهاد، لعدم ورود نص فيها أو غموض في الأدلة الواردة فيها، وبالتالي تحصل توسعة على المقلدين في اتباع أحد طرفي الخلاف الواقع بين أهل العلم. قال الزركشي في البحر المحيط: وأما التي يسوغ فيها الاجتهاد فهي المختلف فيها، كوجوب الزكاة في مال الصبي ونفي وجوب الوتر، وغيره مما عدمت فيها النصوص في الفروع وغمضت فيها الأدلة ويرجع فيها إلى الاجتهاد، فليس بآثم -أي المخطئ-، قال ابن السمعاني: ويشبه أن يكون سبب غموضها امتحاناً من الله لعباده ليتفاضل بينهم في درجات العلم ومراتب الكرامة، كما قال الله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:11]، وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [يوسف:76].وعلى هذا يتأول ما ورد في بعض الأخبار اختلاف أمتي رحمة، فعلى هذا النوع يحمل هذا اللفظ. انتهى. أما الاختلاف المذموم فهو مفصل في الفتوى رقم: 7134، والفتوى رقم: 8675.أما ما يسوغ فيه الاختلاف فيرجع فيه إلى الفتوى رقم: 16829.والله أعلم.