الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الذي يسعنا قوله هو: أن تلك الحبال إن كان قد نبذها أصحابها رغبة عنها، فإنه يملكها آخذها، ويصح ابتياعها منه، كما سبق في الفتوى: 380897، ومن باب أولى إن كان أصحاب تلك الحبال يهبونها للعمال.
وأما حقيقة الحال: فلا علم لنا بها، لكن المقرر عند العلماء أن الأصل فيما في يد المسلم أنه ملكه -إن ادّعى ملكيته-، ولا يشرع البحث عن طريقة تملكه له، قال ابن تيمية: ما في الوجود من الأموال المغصوبة، والمقبوضة بعقود، لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمت أنه سرق مالًا، أو خانه في أمانته، أو غصبه، فأخذه من المغصوب قهرًا بغير حق، لم يجز لي أن آخذه منه، لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم.
وإن كان مجهول الحال، فالمجهول كالمعدوم.
والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكًا له، إن ادّعى أنه ملكه.
فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده، بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو، ولم أعلم أنا كنت جاهلًا بذلك، والمجهول كالمعدوم. لكن إن كان ذلك الرجل معروفًا بأن في ماله حرامًا ترك معاملته ورعًا، وإن كان أكثر ماله حرامًا، ففيه نزاع بين العلماء.
وأما المسلم المستور، فلا شبهة في معاملته أصلًا، ومن ترك معاملته ورعًا، كان قد ابتدع في الدين بدعة، ما أنزل الله بها من سلطان. اهـ بتصرف يسير من مجموع الفتاوى.
والله أعلم.