الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أخي السائل أن نذر التبرر سمي بهذا، لأن الناذر يطلب به البر أي التقرب إلى الله تعالى، وهو نوعان كما نص عليه أهل العلم.
جاء في أسنى المطالب: نَذْرُ التَّبَرُّرِ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا نَذْرُ الْمُجَازَاةِ، وَهُوَ أَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةً فِي مُقَابَلَةِ حُدُوثِ نِعْمَةٍ أَوْ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ... النَّوْعُ الثَّانِي - أَنْ يَلْتَزِمَ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ بِشَيْءٍ، فَيَصِحُّ إنْ الْتَزَمَ قُرْبَةً؛ كَقَوْلِهِ ابْتِدَاءً: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ كَذَا أَيْ مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ... يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ الْمَذْكُورِ بِنَوْعِيهِ .اهــ.
وأما نذر اللجاج فهو -كما في أسنى المطالب أيضا-: (أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ شَيْءٍ أَوْ يَحُثَّهَا عَلَيْهِ بِتَعْلِيقِ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ) بِفِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ (كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا، فَإِنْ الْتَزَمَ) فِيهِ (قُرْبَةً) كَصَوْمٍ (أَوْ قُرَبًا) كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَصَدَقَةٍ (تَخَيَّرَ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا نَذَرَ، وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ). اهــ.
والذي يظهر أن نذرك هذا من نذر اللجاج، فأنت مخير فيه بين الوفاء به وبين كفارة اليمين، ولو غلبت جانب الوفاء لكان ذلك أولى، مراعاةً للقول بوجوب الوفاء بالنذر مطلقاً، وعدم التخيير حتى في نذر اللجاج.
جاء في الموسوعة الفقهية عن وجوب الوفاء بالنذر وعدم التخيير بينه وبين كفارة اليمين في نذر اللجاج: رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْل جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ. اهــ.
وأما قولك: "تقرباً إليك" فلا نرى أن له أثراً في الحكم، فهو تحصيل حاصل، كما لا يخفى.
والله تعالى أعلم.